بأي ذنب قتلت.. مروة الشربيني شهيدة الحجاب"..عبارة رفعتها طفلة لم يتجاوز عمرها 3 سنوات على لافتة، واخترقت بها حصار رجال الأمن وضباط مباحث مطار القاهرة الدولي والواقفين أمام البوابة رقم (35) بقرية البضائع ،حيث خرج منها جثمان الدكتورة "مروة الشربيني" زوجة المبعوث المصري "علوي على عكاز"، المعيّن في معهد الهندسة الوراثية في جامعة المنوفية، والحاصل على منحة من معهد «ماكس بلانك»، والتي قتلت داخل محكمة بمدينة درسدن الألمانية وأصيب زوجها على يد متطرف ألماني من أصل روسي بسبب ارتدائها"الحجاب".
..وقد سيطرت أربعة مشاهد على أجواء مطار القاهرة .
المشهد الاول عقارب الساعة تشير إلى الثامنة مساء أمام البوابة (35) بقرية البضائع ، الجميع يترقب وصل جثمان "مروة".. أصدقاء.. شقيقها..أقاربها.. صحفيين من جميع وسائل الإعلام..مراسلين لقنوات فضائية ..ممثلين عن نقابة الصيادلة.. أسر كاملة.. شباب جاء هؤلاء جميعا لإعلان تضامنهم مع الضحية ، ما كان بيد المنتظرين جميعهم رغم اختلاف اشكالهم وصفاتهم وربما أغراضهم إلا أن يرفعوا لافتات كتب عليها باللغة العربية والانجليزية: "بأي ذنب قتلت". صفية عبد الهادي خالة "مروة " كانت أحد هؤلاء ، وقد حرصت على أن تكون في استقبال جثمان مروة نيابة عن والدتها التي تعيش حالة حزن وإعياء شديدين ، فهي الأخت الوحيدة لشقيقها المهندس طارق، وتشعر أسرتها إحساس سيء لفقدانها، الجميع يبكي حزنا عليها، زميلاتها منذ أيام الدراسة، أقاربها، شقيقها طارق، جميعهم حزين لفقدانها بهذه الطريقة البشعة.
قالت صفية " أن مروة كانت لاعبة كرة يد في نادي سموحة، والمنتخب القومي المصري، وكانت متدينة بصورة معتدلة، وعندما تزوجت وسافرت إلى ألمانيا حافظت على تدينها المعبر عن الصورة الوسطية للإسلام ، وأقامت علاقات كثيرة مع أسر ألمانية وصديقات ألمانيات بل أن خبر وفاتها تم معرفته عن طريق اتصال تم بين زوج إحدى صديقاتها التي كانت في زيارة لمصر وكانت في ضيافة والدة مروة وبين شقيقها طارق الشربيني.
كما طالبت بان يكون هناك تحرك من قبل الدولة، حتى لا يضيع حق مروة في القصاص العادل من القاتل، وتوقيع أقصى عقوبة على الجاني، خاصة وان ما حدث يمكن اعتباره وقع للمصريين جميعا، وإن أي مصري معرض لان يحدث معه مثل ما حدث مع مروة في الخارج، وهو مساس بكرامتنا جميعا، ، لهذا يجب أن يكون للدولة رد فعل قوي تجاه الحادث التي تعرضت له مروة وزوجها.
المشهد الثاني ليل خارجي أيضا، الساعة التاسعة ، أسرة مكونة من أب يعمل مهندسا، وابنتيه طبيبة، وأخرى طالبة، عندما اقتربت منهم وسائل الإعلام أعلنوا أنهم قرءوا عن الحادث على الانترنت ، وجاءوا للتضامن مع الضحية ، واستقبال الجثمان مع أسرتها، وقال الأب: إن الحادث يعبر عن العداء الغربي للإسلام والمسلمين ، والذي لا يقبله أي دين أو عقل ، فكيف تقتل زوجة بسبب ارتدائها الحجاب؟، وكيف يقتل أي إنسان بسبب معتقداته الدينية؟. ورفعوا نفس اللا فتات المكتوبه باللغة الانجليزية: "what was her sin to be killed?"، وباللغة العربية: "بأي ذنب قتلت؟"، لحظات واخترقت طفلة تدعى حبيبة لا يتجاوز عمرها (3 سنوات) الطريق، بعد إن حضرت مع والدها ووالدتها لإعلان تضامنهم مع الضحية ، ووقفت أمام قرية البضائع وفي يديها ورقة مكتوب عليها: "بأي ذنب قتلت.. مروة الشربيني شهيدة الحجاب".. الغريب إن الطفلة عندما حاول البعض سحب الورقة من يديها صرخت فيهم ، ونادت على والدها ، حتى يبعدهم عنها.
المشهد الثالث السفير الألماني بالقاهرة "بيرند أربل"يصل المطار في الساعة التاسعة والنصف مساء، وقال في بيان صادر عن السفارة الألمانية بالقاهرة أود أن أعبر عن تعاطفي الشديد مع أسرة المرحومة الدكتورة مروة الشربيني , وأرجو من الله أن يلهمهما الصبر والسلوان لتحمل هذه الكارثة الكبرى . كما أتمنى الشفاء العاجل لزوجها الدكتور "علوى على عكاز"، مشيرا في البيان إلى أن الدكتورة مروة كانت ضحية اعتداء أثيم من جانب شخص لا يمكنني بأي حال من الأحوال أن أتفهم أو أتقبل دوافعه لارتكاب مثل هذه الجريمة الشنيعة التي أدينها بشدة.
وقال ما أريد أن أؤكده في هذه اللحظة الحزينة ، أن هذه الجريمة الغريبة والدخيلة على الشعب الألماني هي الآن بين يدي القضاء الألماني ولن تمر دون عقاب رادع يقتص من مرتكبها، الذي لا يمثل غالبية الشعب الألماني، الذي يكن كل حب واحترام وتقدير للمصريين والمسلمين ، ويؤمن في الوقت نفسه بحرية الأديان والعبادة ويكفلها ويضمنها لكل شخص يقيم في ألمانيا .
وأوضح أن الحادث عمل فردى، ولا ينبغي لنا أن نسمح لمثل هذه الأعمال بتعكير صفو العلاقات والصلات المتميزة بين مصر وألمانيا على مختلف الأصعدة، خاصة وأنه في ألمانيا يعيش مئات الآلاف من المصريين بل والملايين من العرب والمسلمين يعيشون جنب إلى جنب مع المواطنين الألمان ، ويمارسون شعائرهم الدينية في إطار الحريات التي يكفلها الدستور الألماني لكل من يقيم في الوطن الألماني
وعن التعامل مع الجريمة من قبل السلطات الألمانية، قال السفير الألماني إن المحكمة هي الجهة المعنية بالأساس بالقضية، وهي الجهة التي ستحدد العقوبة بعدما تحدد شكل الجريمة.. لكننا متفقون على أن الواقعة واقعة قتل، وأضاف: "في كل المجتمعات يوجد مثل أولئك المتطرفين، لكن لا يجب أن نستقي من ذلك أحكاماً عامة تنسحب على المجتمع بأثره".
المشهد الرابع سيارة نقل الموتى تخرج في الساعة العاشرة والربع مساء وبداخلها جثمان الضحية ، بينما تابعت وسائل الإعلام المشهد، سارعت السيارة إلى البوابة (27) بصالة كبار الزوار، التي كان ينتظر فيها والد الدكتور علوي عكاز، وطارق الشربيني شقيق الضحية، وخالتها صفية عبد الهادي، وعدد من أفراد أسرتها، وقدم السفير الألماني تعازيه لأسرة الضحية في وجود عدد كبير من قيادات الشرطة، وطالب على عكاز والد زوج الدكتورة مروة، السفير الألماني التدخل لتأجيل تقديم رسالة الدكتوراه الخاصة بابنه نظرا لظروف الحادث وحزن ابنه الشديد على زوجته التي لقيت مصرعها.....
...وعقب أداء صلاة الظهر في الإسكندرية أدى المشيعين صلاة الجنازة على جثمان الشهيدة وخرج بعدها الجثمان ملفوفاً في لفافة سوداء مكتوب عليها بالذهبي آية الكرسي ليوضع في السيارة التي تحمل كلمات جمعية أصدقاء المستشفى الألماني.
لكن المصلين جميعاً بكوا أثناء إجراء صلاة الجنازة لارتفاع أصوات البكاء من جانب أسرتها في الميكروفون الخاص بالإمام الذي طلب منهم الصمت أثناء أداء الصلاة.
تحولت الجنازة إلى مظاهرة غضب ضد الخارجية وألمانيا حيث ردد المتظاهرون هتافات تسقط ألمانيا" و "لا إله إلا الله" و"حسبنا الله ونعم الوكيل" و"القصاص .القصاص" و "يا ألماني يا خسيس دم مروة مش رخيص "و" حسني مبارك يا رئيس دم المصري مش رخيص" و "يا خارجية عايزين دم الصيدلانية"، كما حمل بعضهم لافتات تحمل صورة الشهيدة وكتب عليها شكراً لوزير الخارجية.
وقد علم " علوي" زوج الضحية بعد أن أفاق من غيبوبة استمرت ثلاثة أيام، أنه فقد زوجته "مروة"(31 عاما) ، حيث انهمر في بكاء حاد وهو يقول: "ماتت مروة ولم أتمكن من إنقاذها".
ونشرت صحيفة "بيلد" الألمانية واسعة الانتشار في موقعها الالكتروني صباح اليوم الاثنين تقريرا حول الموضوع نقلت فيه عن علوي قوله:"أشعر بالغضب الشديد لأن الشرطي أصابني أنا ولم يصب الجاني".
كما كشف الدكتور "عصام عبد الصمد" رئيس اتحاد المصريين بأوروبا، أن الشهيدة ظلت ما يقرب من ساعة بعد إصابتها في موقع الحادث داخل مبني المحكمة حتى وافتها المنية، ولم يتم نقلها للمستشفي إلا بعد اكتشاف وفاتها .
وقال "عبد الصمد" في اتصال هاتفي مع المصري اليوم : أن الاتحاد اتفق مع "طارق الشربيني" شقيق الضحية علي متابعة القضية، لتوكيل محام� ألماني للمطالبة بحقها، مشيراً إلى أن الداخلية الألمانية وافقت على إرسال كل المعلومات المتعلقة بالقضية للاتحاد.
عبد الصمد أكد أنه رغم إيمانه بوجود كراهية للأوروبيين تجاه المسلمين، أو ما يمكن تسميته "الإسلام فوبيا"، إلا أنه أكد أيضا أن الحادث لا يتجاوز كونه حادثاً فردياً من رجل عاطل داخل قاعة المحكمة، ووصف ما حدث بأنه إهانة للبوليس الألماني قبل أن يكون إهانة للمسلمين، ولو كان القاتل مسلماً والقتيلة ألمانية لما تباطأ الإعلام الألماني في متابعة الحدث كما يفعل الآن.
و في السياق نفسه دعا عدد من النشطاء الحقوقيون إلي وقفة احتجاجية صباح الخميس القادم أمام مقر السفارة الألمانية ، للتنديد بالحادث ، و لمطالبة الحكومة الألمانية بالقصاص العادل من الجاني، مؤكدين أن هذا الموقف لابد أن لا يمر مرور الكرام ، و يجب أن يحصل الجاني علي عقاب عادل .
علي صعيد أخر ينظم مجموعة من شباب القوى الوطنية من كافة الاتجاهات تظاهرة اليوم أمام مقر السفارة الألمانية بالزمالك تضامناً مع "شهيدة الحجاب" مروة الشربيني و للمطالبة بمحاكمة عادلة لقاتلها أمام المحاكم الألمانية.
و بدأت الاستعدادات الأمنية أمام السفارة الألمانية منذ اليوم حيث يتواجد عدد كبير من لسيارات الشرطة و سيارات الأمن المركزي أمام السفارة الألمانية في شارع حسن صبري، كما لوحظ تواجد كبير لعشرات الضباط على الرصيف المحيط بحديقة الأسماك المقابل للسفارة.
انا اليه وانا اليه راجعون
حسبنا الله ونعم الوكيل