العشرة المبشرون بالجنة
أبو بكر الصديق رضي الله عنه
**الصديق**
هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد القرشي التميمي ،كنيته أبو بكر،وكنية أبيه أبو قحافة،كان يتاجر في الثياب،وكان مؤلفا يحبه الناس لحسن خلقه،ويحبون حديثه لعلمه بالأنساب،وكان اسمه عبد الكعبة،فسماه الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الله،وهو اول من أسلم من الرجال،قال له النبي صلى الله عليه وسلم:"أنت عتيق الله من النار"،فسمي عتيقا،وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الإسراء والمعراج،فسُّمي الصديق،ولم يتخلف عن مشهد واحد من المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم،وثبت يوم حنين ويوم أحد حين فر الناس،أسلم على يديه عثمان وعبدالرحمن بن عوف والزبير وطلحة وغيرهم،وأعتق سبعة كانوا يعذبون منهم بلال وعامر بن فهيرة،وأبو بكر خير الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم.كان رجلا كريما تصدق بماله كله لله ،وهو رفيق الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الاسلام وبعده،وهو رفيقه أيضا في هجرته،وخليفته من بعده،وهو الذي ثبت يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم،وذكر المسلمين بأن موته حق،خاض في خلافته حروبا طاحنة ضد المرتدين لردهم الى الاسلام،ولد بعد النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين وشهر،وتوفي بعده بسنتين وثلاثة أشهر في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشر للهجرة،واستخلف من بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المسلمين،وفي فضائله رضي الله عنه وردت أحاديث كثيرة لا تحصى....
*************************************************************
عمر بن الخطاب رضي الله عنه
**الفاروق**
هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط القرشي العدوي،كنيته أبو حفص،ولقبه الفاروق.
ولد رضي الله عنه بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة.وكان من أشراف قريش في الجاهلية،والمتحدث الرسمي باسمهم مع القبائل الاخرى،لما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم كان عمر شديدا عليه وعلى المسلمين،ثم كتب الله له الهداية فأسلم على يد النبي صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم،في ذي الحجة سنة ست من البعثة،بعد إسلام حمزة بثلاث أيام،وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا:"اللهم أعز الاسلام بأحب الرجلين إليك:عمر بن الخطاب او عمرو بن هشام(أبو جهل)".وخلاصة الروايات في اسلامه رضي الله عنه أنه التجأ ليلة الى المبيت خارج بيته فجاء الى الحرم،ودخل في ستر الكعبة،والنبي صلى الله عليه وسلم قائم يصلي وقد استفتح سورة الحاقة،فجعل عمر يستمع الى القرآن ،ويعجب من تأليفه،قال:فقلت في نفسي_هذا والله شاعر كما قالت قريش،قال:فقرأ(إنه لقول رسولٍ كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون)،قال:قلت: كاهن.قال
ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين )الى آخر السورة،قال:فوقع الاسلام في قلبي.كان هذا اول وقوع نواة الاسلام في قلبي،لكن كانت قشرة النزعات الجاهلية،والعصبية التقليدية والتعاظم بدين الآباء هي غالبة على مخ الحقيقة التي كان يتهامس بها قلبه،فبقي مجدا في عمله ضد الاسلام،غير مكترث بالشعور الذي يكمن خلف هذه القشرة،وكان من حدة طبعه وفرط عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج يوما متوشحا سيفه،يريد القضاء على النبي صلى الله عليه وسلم،فلقيه نعيم بن عبدالله النحام العدوي،أو رجل من بني زهرة،فقال:أين تعمد يا عمر؟قال:أريد أن أقتل محمدا،قال:كيف تأمن من بني هاشم ومن بني زهرة وقد قتلت محمدا؟فقال له عمر:ما أراك الا قد صبوت وتركت دينك الذي كنت عليه،قال :أفلا أدلك على العجب يا عمر!إن أختك وزوجها قد صبوا،وتركا دينك الذي انت عليه،فمشى عمر دامرا حتى أتاهما وعندهما خباب بن الأرت ومعه صحيفة فيها طه يُقرئهما إياها_فلما سمع خباب صوت عمر توارى في البيت،وسترت فاطمة أخت عمر الصحيفة،وكان عمر قد سمع حين دنا من البيت قراءة خباب إليهما،فلما دخل عليهما قال:ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟فقالا:ماعدا حديثا تحدثناه بيننا.قال فلعلكما قد صبوتما،فقال له زوج أخته:يا عمر أرأيت إن كان الحق في غير دينك؟فوثب عليه عمر فوطئه وطئا شديدا.فجاءت أخته فرفعته عن زوجها فنفحها نفحة بيده،فدمي وجهها،فقالت:وهي غضبى،يا عمر غن كان الحق في غير دينك،أشهد ان لا إله إلا الله ،وأشهد أن محمد رسول الله.فلما يئس عمر،ورأى ما بأخته من دم ندم واستحى،وقال:أعطونى هذا الكتاب الذي عندكم فأقرؤه،فقالت أخته:إنك رجس،ولا يمسه إلا المطهرون،فقم فاغتسل فقام واغتسل،ثم أخذ الكتاب،ثم قرأ
بسم الله الرحمن الرحيم)فقال:أسماء طيبة وطاهرة،ثم قرأ
طه)حتى انتهى الى قوله تعالى(إنني انا الله لا إله أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري)فقال :ما أحسن هذا الكلام وأكرمه!دلوني على محمد.فلما سمع خباب كلامه،خرج وقال:أبشر يا عمر فإني أرجو ان تكون دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم قد أجيبت،ودله على دار الرسول صلى الله عليه وسلم التي في أصل الصفا،فاخذ عمر سيفه وتوشحه،وانطلق للدار،فضرب الباب،فقام رجل ينظر من خلل الباب فرآه متوشحا سيفه،فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم،واستجمع القوم،فقال لهم حمزة:مالكم؟قالوا:عمر،قال:وعمر،افتحوا له الباب،فإن كان قد جاء يريد خيرا بذلناه له،وإن كان قد جاء يريد شرا قتلناه بسيفه،ورسول الله صلى الله عليه وسلم داخل يوحي اليه فخرج الى عمر حتى لقيه في الحجرة،فاخذه بمجامع ثوبه وحمائل السيف،ثم جبذه جبذة شديدة،فقال:أما أنت منتهيا يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزى والنكال ما نزل بالوليد بن المغيرة؟اللهم هذا عمر بن الخطاب،اللهم أعز الاسلام بعمر بن الخطاب،فقال عمر:أشهد ان لا إله إلا الله،وأشهد أنك رسول الله.وأسلم فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها اهل المسجد.كان عمر رضي الله عنه ذا شكيمة لا يرام،وقد أثار اسلامه ضجة كبيرة بين المشركين بالذلة والهوان،وكسا المسلمين عزة وشرفا وسرورا.
وبعد ان أسلم عمر استشار الرسول صلى الله عليه وسلم في ان يخرج المسلمون ويعلنوا اسلامهم في المسجد الحرام،فأذن له الرسول،وخرج المسلمون وهو يومئذ اربعون رجلا في صفين،يتقدم احدهما حمزة بن عبد المطلب ويتقدم الصف الثاني عمر بن الخطاب،وسماه النبي صلى الله عليه وسلم بالفاروق؛لأن الله فرق به بين الحق والباطل.وباسلامه رضي الله عنه قويت شوكة المسلمين واعلنوا اسلامهم،عن عبد الله بن مسعود قال:"كان اسلام عمر فتحا،وكانت هجرته نصرا،وكانت امارته رحمة،ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي في البيت حتى أسلم عمر،فلما أسلم قاتلهم حتى تركونا فصلينا"،وقد شهد عمر بن الخطاب جميع الغزوات مع الرسول صلى الله عليه وسلم،وكان من أقرب الناس الى قلبه،عن عبد الله بن عباس قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وزيراي من أهل السماء هما جبريل وميكائيل،ووزيراي من أهل الأرض هما أبو بكر وعمر بن الخطاب"،وقال:"لو كان بعدي نبي لكان عمر".
وهو أحد المبشرين بالجنة،وهو أبو حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها،وكثيرا ما نزل القرآن موافقا لآراء عمر،اشتهر رضي الله عنه بالزهد وسعة العلم والجراة في الحق ،وبعدما تولى الخلافة صار مضربا للمثل في عدله الى يومنا هذا،عن ابن عباس قال:اكثروا من ذكركم لعمر،فإن ذكرتموه ذكرتم العدل وإن ذكرتم العدل ذكرتم الله تبارك وتعالى.
تولى عمر الخلافة بعد ابو بكر الصديق رضي الله عنه،في السنة الثالثة عشر من الهجرة،ودامت خلافته عشر سنوات وستة اشهر وخمس ليال،وفي عهده أصبحت دولة الاسلام الدولة العظمى الاولى في العالم،حيث تمت الفتوحات التي بدأت في عهد أبو بكر رضي الله عنه،وكسرت شوكة الروم،وزالت دولة الفرس من الوجود نهائيا،ففتح العراق والشام ومصر والجزيرة وديار بكر وأرمينية وبلاد الجبال وبلاد فارس وخوزستان وغيرها،
وأدر عمر العطاء على الناس وجعل نفسه بمنزلة الأجير وكآحاد المسلمين في بيت المال.وكان عمر أعسر يسر :يعمل بيديه،وكان أصلع طويلا،أبيض البشرة،وهو اول من سمى امير المؤمنين وأول من اتخذ التاريخ الهجري،وأول من جمع الناس على قيام رمضان،وأول من دون الدواوين في الدولة الاسلامية.استشهد رضي الله عنه بعد ان طعن يوم الأربعاء لأربع ليالٍ بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة،وعمره ثلاث وستين سنة،طعنه أبو لؤلؤة المجوسي وهو يصلي بالناس،وقال عمي لما شخصية قاتله:الحمد لله الذي لم يجعل منيتي على يد رجل يدعي الاسلام! ومكث ثلاثا،ثم دفن يوم الأحد صباح هلال محرم سنة أربع وعشرين،بجوار قبري الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه..
*************************************************************