النهي عن الخلوة بالأجنبية
والأمر بغض النظر والعفو عن نظر الفجأة
1 - عن جابر (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يخلون بامراة ليس معها ذو محرم منها فإن ثالثهما الشيطان).
2 - وعن عامر بن ربيعة قال (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لا يخلون رجل بامرأة لا تحل له فإن ثالثهما الشيطان إلا محرم).
رواهما أحمد. وقد سبق معناه لابن عباس في حديث متفق عليه.
3 - وعن أبي سعيد (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد ولا المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد.
4 - وعن جرير بن عبد اللّه قال (سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عن نظر الفجأة فقال أصرف بصرك).
رواهما أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي.
5 - وعن بريدة قال (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لعلي يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة).
رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
6 - وعن عقبة بن عامر (أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار يا رسول اللّه أفرأيت الحمو فقال الحمو الموت).
رواه أحمد والبخاري والترمذي وصححه. قال ومعنى الحمو يقال أخو الزوج كأنه كره أن يخلو بها.
حديث جابر وعامر يشهد لهما حديث ابن عباس الذي أشار إليه المصنف وقد تقدم في باب النهي عن سفر المرأة للحج من كتاب الحج وقد أشار الترمذي إلى حديث عامر.
وحديث بريدة قال الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك وأخرجه بهذا اللفظ من حديث علي البزار والطبراني في الأوسط قال في مجمع الزوائد ورجال الطبراني ثقات والخلوة بالأجنبية مجمع على تحريمها كما حكى ذلك الحافظ في الفتح. وعلى التحريم ما في الحديث من كون الشيطان ثالثهما وحضوره يوقعهما في المعصية وأما مع وجود المحرم فالخلوة بالأجنبية جائزة لامتناع وقوع المعصية مع حضوره واختلفوا هل يقوم غيره مقامه في ذلك كالنسوة الثقات فقيل يجوز لضعف التهمة. وقيل لا يجوز وهو ظاهر الحديث.
حديث أبي سعيد أخرج نحوه أحمد والحاكم من حديث جابر وأخرجه أيضا أحمد وابن حبان والحاكم من حديث ابن عباس وأخرجه أيضا الطبراني في الأوسط من حديث أبي موسى وأخرجه أيضا البزار من حديث سمرة.
قوله: (لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل) الخ فيه دليل على أنه يحرم على الرجل نظر عورة الرجل وعلى المرأة نظر عورة المرأة وقد تقدم في كتاب الصلاة بيان العورة من الرجل والعورة من المرأة. والمراد هنا العورة المغلظة. فقال في البحر فصل يجب ستر العورة المغلظة من غير له الوطء إجماعا لقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم (احفظ عورتك) الخبر ونحوه انتهى.
قوله: (ولا يفضي الرجل) الخ فيه دليل على أنه يحرم أن يضطجع الرجل مع الرجل أو المرأة مع المرأة في ثوب واحد من الإفضاء ببعض البدن لأن ذلك مظنة لوقوع المحرم من المباشرة أو مس العورة أو غير ذلك. وحديث بريدة فيه دليل على أن النظر الواقع فجأة من دون قصد وتعمل لا يوجد اثم الناظر لأن التكليف به خارج عن الاستطاعة وإنما الممنوع منه النظر الواقع على طريقة التعميد أو ترك صرف البصر بعد الفجأة وقد استدل بذلك من قال بتحريم النظر إلى الأجنبية ولم يحكه في البحر إلا عن المؤيد باللّه وأبي طالب.
وحكى في البحر أيضا عن الفقهاء والإمام يحيى أنه يجوز ولو لشهوة وتعقبه صاحب المنار أن كتب الفقهاء ناطقة بالتحريم قال ففي منهاج النووي وهو عمدتهم ويحرم نظر فحل لالغ إلى عورة حرة أجنبية وكذا وجهها وكفيها عند خوف فتنة وكذا عند الأمن على الصحيح ثم قال في نظر الأجنبية إلى الأجنبي كهو اليها.
وفي المنتهى من كتب الحنابلة ولشاهد ومعامل نظر وجه مشهود عليها ومن تعامله وكفيها لحاجة والحنفية لا يجيزون النظر إلى الوجه والكفين مع الشهوة ولفظ الكنز ولا ينظر من اشتهى. قال الشارح العيني في الشاهد لا يجوز له وقت التحمل أن يننظر إليها لشهوة هذا ما تعقب به صاحب المنار قال بهجة المحافل للعامري الشافعي في حوادث السنة الخامسة ما لفظه.
وفيها نزول الحجاب وفيه مصالح جليلة وعوائد في الإسلام جميلة ولم يكن لأحد بعده النظر إلى أجنبية لشهوة أو لغير شهوة وعفى عن نظر الفجأة انتهى.
وفي شرح السيلفية للإمام يحيى في شرح الحديث الرابع والعشرين في شرح. قوله (إياكم وفضول النظر فإنه يبذر الهوى ويولد الغفلة) التصريح بتحريم النظر إلى النساء الأجانب الشهوة أو الغير شهوة.
وقال ابن مظفر في البيان إنه يحرم النظر إلى الأجنبية مع الشهوة اتفاقا.
وقال الإمام عز الدين في جواب له والصحيح المعمول عليه رواية شرح الأزهار وهي رواية البحر أن الإمام يحيى ومن يجوزون النظر ولو مع شهوة انتهى.
.