وقد سئل الشيخِ محمدُ بنُ صالح العثيمين عن
السؤال : يسأل عن كتاب تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين تأليف الفقيه الزاهد الشيخ نصر الدين محمد بن إبراهيم السمرقندي يقول : أسأل عن هذا الكتاب والأحاديث التي وردت فيه هل هي صحيحة أفيدونا جزاكم الله خيرا
الجواب :
فيه أحاديث موضوعة ، ولهذا لا ينبغي قراءته إلا لطالب علم يميز بين ما يقبل من الأحاديث التي فيه وما لا يقبل ليكون على بصيرة من أمره ولئلا ينسب إلى رسول الله صلي الله علية وسلم ما لم يقله أو ما لا تصح نسبته إليه فإن من حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذِبيَن وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من كذب عليه متعمدا فليتبوأ مقعدا من النار فنصيحتي لمن ليس له علم بالأحاديث أن لا يطلع على هذا الكتاب ، ومن عنده علم يميز بين المقبول وغير المقبول ورأى في قراءته مصلحة فليفعل وإن رأى أنه يصده عن قراءة ما هو أنفع منه له فلا يذهب وقته في قراءته .
أخرج هذا الحديث الطبراني في المعجم الأوسط 2583- 3/89-91، وابن أبي الدنيا في صفة النار1/103، كلاهما من طريق الحكم بن مروان الكوفي قال : حدثنا سلام الطويل عن الأجلح بن عبد الله الكندي عن عدي بن عدي الكندي قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حينٍ غير حِينه الذي كان يأتيه فيه، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( يا جبريل ما لي أراك متغير اللون ) ؟ فقال : ما جئتك حتى أمر الله عز وجل بمفاتيح النار.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا جبريل صف لي النار وانعت لي جهنم ).
فقال جبريل : إن الله تبارك وتعالى أمر بجهنم فأوقد عليها ألف عام حتى ابيَضَّت، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى احمَرَّت، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى اسوَدَّت فهي سوداء ومظلمة لا يضيء شررها ولا يطفأ لهبها، والذي بعثك بالحق لو أن قدر ثقب إبرة فتح من جهنم لمات من في الأرض كلهم جميعًا من حره، والذي بعثك بالحق لو أن ثوباً من ثياب النار علق بين السماء والأرض لمات من في الأرض جميعاً من حره، والذي بعثك بالحق لو أن خازناً من خزنة جهنم برز إلى أهل الدنيا فنظروا إليه لمات من في الأرض كلهم من قبح وجهه ومن نتن ريحه، والذي بعثك بالحق لو أن حلقة من حلقة سلسلة أهل النار التي نعت الله في كتابه وضعت على جبال الدنيا لارفَضَّت وما تقاربت حتى تنتهي إلى الأرض السفلى .
قال الإمام الطبراني : لا يُروى هذا الحديث عن عمر إلا بهذا الإسناد تفرد به سلَّام
وأورده الإمام الهيثمي في مجمع الزوائد 10/386-387 وقال : رواه الطبراني في الأوسط وفيه سلَّام الطويل وهو مُجمَعٌ على ضعفه.
وذكره الحافظ ابن رجب في كتاب التخويف من النار 1/37-38وقال : سلام الطويل ضعيف جداً.
وأورده الإمام السيوطي في الدر المنثور 1/249، وضعف إسناده .
قلت :سلام بن سليم الطويل، قال في المغني في الضعفاء : تركوه .وقال أيضا: ضعيف .1/270، وفي الميزان2/175: ضعيف لا يكتب حديثه .
وعليه فالحديث ضعيف لضعف سلام الطويل ، وفي متنه نكارة شديدة في قوله (بمثل ما ابتلي به إبليس فقد كان من الملائكة ) فهذا يخالف صريح القرآن الكريم في كونه من الجن، كما قال تعالى : {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} (50) سورة الكهف،
لكن ورد شاهد موقوف على أبي هريرة لقوله : ( إن الله تبارك وتعالى أمر بجهنم فأوقد عليها ألف عام حتى ابيَضَّت ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى احمَرَّت ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى اسوَدَّت فهي سوداء ومظلمة )، وهو ما ورد عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
أُوقِدَ على النَّارِ أَلْفَ سَنَةٍ حتى احْمَرَّتْ، ثُمَّ أُوقِدَ عليها أَلْفَ سَنَةٍ حتى ابْيَضَّتْ، ثُمَّ أُوقِدَ عليها أَلْفَ سَنَةٍ حتى اسْوَدَّتْ فَهِيَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ ) رواه الترمذي وقال : حَدِيثُ أبي هُرَيْرَةَ في هذا مَوْقُوفٌ أَصَحُّ .
والخلاصة
الحديث ضعيف بهذا الإسناد، وفي بعض متنه نكارة، ويشهد لبعضه بعض الشواهد الصحيحة، والله أعلم
- ((يا جبريل صف لي النار، وانعت لي جهنم: فقال جبريل: إن الله تبارك وتعالى أمر بجهنم فأوقد عليها ألف عام حتى ابيضت، ثم أمر بها فأوقد عليها ألف عام حتى احمرت، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى اسودت فهي سوداء مظلمة..الخ)) .
موضوع . "الهيثمي" (10/387) . "الضعيفة" (910)
وقد روى الإمام أبو عيسى الترمذي وابن ماجه، عن عباس الدوري، عن يحيى بن أبي بكيرعن شريك، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة- رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت ، فهي سوداء كالليل المظلم. ثم قال الترمذي : لا أعلم أحدا رفعه غيريحيى .
تفسير ابن كثير ص 189
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : ((إن كذبا علي ليس ككذب على أحد ، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار » صحيح رواه البخاري (1291) ومسلم (4)