بيان إلا الحبيب صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي شرع الجهاد في الدين لقمع الكفار والمعتدين ، وإطفاء نار المشركين ، وحتى لا تكون في الأرض فتنة ويكون الدين كله لله وحده ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ثم أما بعد :-
فإن بعض الكفار في بلاد الدنمارك قد تجرأت أقلامهم وتحركت عداوتهم في شتم رسول هذه الأمة صلى الله عليه وسلم ، وقد بالغوا في السب والإيذاء حتى بلغ منتهاه ، وإننا لا نرضى البتة أن يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أن تنتهك حرمته ، وحيث تجرأ الكفار في تلك البلاد هذه الجرأة ووصل بهم الحال إلى هذه المرحلة فإننا لابد أن ننبه على عدة أمور :-
الأول : أنه لابد من اجتماع كلمة المسلمين ووحدة صفهم لنكون يداً واحدة في صد هذا العدوان السافر ، ويجب علينا الاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على فهم سلفنا الصالح حتى تكون العزة لنا ، فإن الله تعالى قضى بأن العزة له ولرسوله وللمؤمنين ، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بالاستمساك الكامل بالكتاب والسنة واعتمادهما وجعلهما المصدر الوحيد للتشريع في البلاد الإسلامية ، ولابد من نسف هذه القوانين الوضعية التي وضعها هؤلاء الأعداء الذين بانت أنياب عداوتهم وانتهكوا حرمة مقدسات قلوبنا في سب نبينا عليه أزكى الصلاة وأتم التسليم ، فأدعو جميع ولاة الأمر في سائر البلاد الإسلامية أن يرجعوا إلى تحكيم الكتاب والسنة تعبداً لله تعالى وأن يتوبوا إلى الله تعالى من تحكيم القوانين الوضعية المستقاة من فرنسا وبريطانيا وأمريكا ، فإن نبذ الشريعة واطراح تحكيم الكتاب والسنة من أعظم السب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا كنا صادقين في إرادة جمع الكلمة واتحاد الصف فلنرجع إلى حياض الكتاب والسنة ولنعض عليهما بالنواجذ ، ولنحذر كل الحذر من الأهواء المضلة والمذاهب المختلة والآراء المعتلة المخالفة للمنقول والمناقضة للمعقول ، ولكن كما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ظاهراً وباطناً في الاعتقادات والأقوال والأعمال ، لأننا لن نكون مؤمنين حقاً إلى بالاستمساك بذلك الاستمساك الكامل ، فإذا كنا كذلك فلنبشر بنصر الله تعالى وعزته قال الله تعالى " وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ " آل عمران103 ، وقال الله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ .. " محمد7.
الثاني : أن نعلم أن سب الرسول صلى الله عليه وسلم من أعظم المصائب والدواهي على الأمة ، وقد أخبرنا ربنا عز وجل أنه ما أصاب من مصيبة فذاك مما كسبته أيدينا ، قال تعالى " وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ " وهو من أعظم الفساد قال تعالى " ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " الروم41 ، فالواجب على المسلمين جميعاً أن يتوبوا إلى الله تعالى مما كسبت أيديهم من الذنوب والمعاصي وأن نحقق قول الله تعالى " وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " النور31 ، وهذه التوبة لابد أن تكون توبة عامة تهتم بتحقيقها الدول الإسلامية ومجتمعاتها وأفرادها وأن يرجعوا إلى الله تعالى ، وأن يندموا على ما فات ويقلعوا عن الذنب فوراً ويعزموا على عدم العودة مع رد الحقوق إلى أصحابها والمظالم إلى أهلها بصدق وأمانة وقولٍ قد توافق عليه الباطن والظاهر ، فإننا في غاية الافتقار والحاجة إلى الله جل وعلا ، وما عنده جل وعلا لا يطلب بمعصيته بل لا يطلب إلا بطاعته ودعائه والتضرع إليه والانكسار عند عتبة بابه جل وعلا ، فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة ، فلابد من التوبة من صرف العبادة لغيره جل وعلا من الذبح للقبور ودعائها والاستغاثة بأصحابها والطواف بقبورهم والنذر لها ، ولابد من التوبة من تحكيم غير شريعة الإسلام التوبة النصوح الصادقة ، ولابد من التوبة من أكل الربا ومحاربة البنوك الربوية وأن لاتجد لها مكاناً آمناً في البلاد الإسلامية ، ولابد من التوبة من أكل أموال الناس بالباطل ، ولابد من رد الحقوق إلى أهلها والأمانات إلى أصحابها ، ولابد من التوبة من شرب الخمور ومعاقرة المخدرات ومن الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ويجب على أصحاب القنوات الفضائية من المسلمين أن يتوبوا إلى الله تعالى مما يعرض في قنواتهم من الفحش والأمور المخالفة للشريعة ، ولابد من التوبة من الرشوة وبخس الناس حقوقهم وغير ذلك ، فيجب أن نتوب إلى الله تعالى توبة صادقة نصوحا ً وأن نتقية عز وجل بفعل الأوامر وترك النواهي فإن هذه التوبة هي المخلص مما نزل من البلاء قال تعالى " أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ " فالله الله أيها المسلمون بهذا الأمر العظيم والخطوة المباركة في حياة الأمة .
الثالث : أنه يجب على كل مسلم على وجه الأرض أن يعلم أن هذه القضية هي قضيته ، وأنه لا يغني مدافعة أحد عن أحد ، بل لابد أن يشارك في رفعها كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وأن يعلم أن من مقتضيات الموالاة لرسول الله صلى الله عليه وسلم محبته ونصرته وهما أمران متلازمان ، فلا محبة إلا بنصرة ولا نصرة إلا بمحبة ، فإذا كنا صادقين في موالاته فلا بد من القيام برد هذا العدوان بكل ما تستطيعه أيها المسلم ، فإن كنت ملك بلاد أو رئيس دولة إسلامية فالواجب عليك أن تنكر هذا المنكر بمراسلة رئيس هذه الدولة الظالمة لنفسها ومناصحته بكف هذا العدوان وتخويفه من مغبته ، وأنه سبب لهلاك بلاده في العاجل أو الآجل ، وأن يتوعده إن لم يفعل ذلك بقطع العلاقات بينهما وسحب السفراء من بلاده ، وطرد سفرائه من بلاده الإسلامية ، فإن أهل العهد لا بد أن يلتزموا بشروط العهد ، ومن أعظم شروطه أن لا يقدحوا في شريعتنا ولا يسبوا رسولنا صلى الله عليه وسلم ، فإن أخلوا بذلك فلا عقد ولا علاقات ، وإن كنت من العلماء أو من طلاب العلم فلا بد من كتابة الرسائل لأهل تلاك البلاد من العقلاء فيها تبين فيها وجوب العدل و الإنصاف ، ومنزلة النبي صلى الله عليه وسلم وتحذرهم من مغبة هذه الشتائم ، وأن تدعوهم إلى الإسلام وتبين لهم أنه دين الحق والعدل ، وأن الله تعالى لا يقبل من أحد ديناً سواه ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الناس كافة ، أبيضهم وأسودهم ، والعرب والعجم ، وأنه لا يسمع به أحد من الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن به إلا كان من أصحاب النار ، وأن تأمرهم أن يكفوا هذه الصحافة عن غيها وأن يوقفوها عند حدها ، وأن تعلمهم أن ساب الرسول صلى الله عليه وسلم زيادة في الكفر وأن حقه القتل مطلقاً ، حتى وإن وجدناه متعلقاً بأستار الكعبة ، فإن حقه صلى الله عليه وسلم لا يسقط ، إلى غيره مما يجب على أهل العلم حيال هذه النازلة الكبيرة ، وإن كنت إعلامياً فعليك أن تُسخر قلمك لنصرة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والذب عن حياضه ومحاربة من نال منه ، بقلم الصدق والعدل والنصيحة وأن تسخر صحيفتك لإعلاء كلمة الحق والدعوة إليها ، فكما أنهم سخَّروا صحافتهم للنيل من رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فلا بد أن نعاملهم بنقيض قصدهم ، ونسخِّر أقلامنا وصحافـتنا وسائر وسائل إعلامنا المرئية والمسموعة والمقروءة لنصرته صلى الله عليه وسلم ، وإن كنت تاجراً فعليك مقاطعة منتجات هذه الدولة الظالمة لنفسها واستبدالها بغيرها فإنهم يحبون المال حباً جما ، وهذه المقاطعة توجب الخسارة الكبيرة لهم وذلك لضربهم في أعز ما يعظمون ، فلا تدخل منتجات هذه الدولة الظالمة لنفسها إلى بلاد المسلمين عقوبة وإهانة لهم ونصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيراً مما ترك ، وبالجملة فلا بد من أن تستشعروا أن هذه النازلة تخصنا وتهمنا جميعاً ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أعز وأحب إلينا من أنفسنا وأولادنا ووالدينا والناس أجمعين ، ولا بد من استغلال هذه النازلة في إحياء محبته صلى الله عليه وسلم في قلوب الخاصة والعامة ، وتوضيح حقوقه للصغار والكبار والزوجات والأمهات والآباء ، وجماعة المسجد وأن تُطرق هذه الموضوعات من الخطباء والدعاة ، في المجالس العامة والخاصة ، حتى يتبصر الناس في دينهم ويهتموا بتحقيق هذه الحقوق لهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم .